من أنت قبل أن تُسأ َل “من انت”؟
وكيف اجتزت أحداثَ العالمِ لتصل هنا؟
قف في ممرك الداخليّ واعطني جواز سفرك
أرني عينيك، ابتسم
شكرا
في غرفة العرض المعتمة بمركز الفنون في بغداد، تتالى صور فوتغرافيا، في كل بورتريه منها يظهر الشخص نفسه، في جنسيات مختلفة، فهو رجل أعمال، في سترة رمادية وربطة عنق وردية، وهو قسأرثوذكسي يوناني، وراهب من التبت، وطيار كاميكازي، وهو مكسيكي في قبعة مكسيكية. ويرتدي أحيانا ثياب الزعماء السياسيين، مثل هتلر أو غاندي. وتظهر امرأة أيضا مرتدية النقاب. ويعلو صوت على العرض قائلا: “حتى لم أعدْ أعرف في أيّ مطار تسكن الأرض
في عمله الفني الجديد يستكشف الفنان العراقي المقيم في بلجيكا حسين شبيب دور الهوية والهجرة. والصوت الذي يتردد في عمله مأخوذ من قصيدة للشاعر العراقي فارس حرام وقد كتبت خصيصا لهذا العمل. يتساءل الفنان ما الذي في جواز السفر يسمح لفرد بدخول بلد.
الرجل الذي يظهر في الصور الفوتغرافية هو صديق لشبيب، وهو الممثل دريد عباس. يقول شبيب إن هذا العمل استغرق سنتين لأن “مظاهر” عباس كانت جميعا حقيقية. فكان يطلق شاربا، أو لحية، أو يقص شعره، أو يطيله، وما إلى ذلك، رغبة منه في أن يبدو وجهه أصيلا في كل مرة.
آيباس مأخوذ من تجربة واقعية لشبيب بوصفه طالب لجوء في أوربا. هو في الأصل من دورا في بغداد، وقد وصل إلى بلجيكا سنة 2007، ويعيش في آنتويرب حيث يعمل مصور فوتغرافيا مستقلا ومصمم جرافيك.
هذا العمل نتيجة سنتين من التعاون بين الفنانين والممثلين والكتاب عبر الحدود والمدن. التقى الفنانون جميعا في بغداد وهم طلبة، ولكن اليوم، يعمل شبيب من آنتويرب، وعباس من روتردام، وحرام من النجف. منتج العمل، أي حيدر حلو، هو المقيم في بلجيكا. وعمل معهم الفنانة البولندي مونيكا بوريس على مقترح المشروع. وذلك ما يعكس تحديات المشهد الفني الهش في بغداد. وبحسب ما يقول العديدون في الوسط الفني فإن قرابة ثلاثية فنانا شابا رحلوا عن البلد خلال الصيف الماضي وحده.
تشيع بين الفنانين العراقيين حالات التعاون هذه، وذلك نتيجة للهجرة، أو حتى للوضع الأمني الخاص بالفنانين المقيمين في المدينة نفسها. مجموعة رسامي الكاريكاتير الساخرين الذين التقت بهم رؤيا الشهر الماضي متناثرون ما بين ابريل وبغداد ومدن في تركيا. وينتجون أعمالهم من خلال لقاءات تتم عبر سكايب.
حضر شبيب إلى بغداد لعرض عمله، رغبةً منه كما يقول في أن يحكي قصته في مدينته. وقد عرض عمله في مركز فني مستقل هو مركز برج بابل المستقل للتنمية الإعلامية. ويخطط شبيب لتكليف شعراء وكتاب من أهل مدن في مختلف أنحاء العالم لتناول نفس الموضوع، أي جوازات السفر والهوية وفي نفس القالب.