“الطائرات الورقية تحلق في السماء وتجسد رغبتنا في تحرير أنفسنا بالطيران. لكن حركتها ليست تلقائية ولا حرة، وهي ترجع دائما إلى ديارها”. في سلسلة جديدة من إنتاج المصور الفوتوغرافي أكام شيخ هادي، التقط الفنان صورا لموضوعاته، نساء ورجال وأطفال من أبناء السليمانية، محاطين بأسلاك شائكة ترمز للحدود القومية. خارج محيط الأسلاك، تطير طائرات ورقية ملونة، صنعها الفنان بأيديه. إنها تصور الأحلام التي تكمن وراءها. المشروع، وعنوانه “الوطن، المنفى”، مستوحى من موجات النزوح والهجرة الناجمة عن المعارك والاضطرابات. وهي أمور شهدها الفنان بعينيه في العراق.
إلى جانب الفنان سلام عطا صبري، دعي أكام شيخ هادي لعرض عمله الجديد في الدورة الخامسة من بينالي تشانكالي الدولي، في مدينة تشانكالي التركية. المعرض وسوف يسعى المعرض الذي سيفتتح في 24 سبتمبر 2016، وسيستمر لستة أسابيع، إلى استكشاف تيمة الوطن. وقد عهدت مؤسسة رؤيا إلى كلا الفنانين بإنتاج أعمال جديدة حول هذه التيمة، وعلاقتها بالهوية القومية، والحدود، وحركة الإنسان. وتقع مدينة تشانكالي التركية على مضيق الدردنيل، إلى الشمال مباشرة من بحر إيجه، الذي يعد مركز أزمة اللاجئين الأوروبية. وقد وجه المدراء الفنيون للبينالي الدعوة لشيخ هادي وعطا صبري بعدما عرضت أعمالهما في للمرة الأولى في محفل فني دولي بإشراف مؤسسة رؤيا، وذلك في جناح العراق في الدورة السادسة والخمسين لبينالي فينيسيا في 2015.
يشكل مفهوم الوطن جزءا مهما من أعمال كلا الفنانين. فالمصور الفوتوغرافي المقيم بالسليمانية أكام شيخ هادي ظل يستكشف موجة النزوح الداخلي في العراق التي عانت منها الأقليات الإثنية منذ بدأ “تنظيم الدولة الإسلامية” مهاجمة شمال العراق في 2014. في المشروع الأخير، المذكور بالأعلى، يستكشف الفنان الحدود القومية ودورها في العزل المادي، مقابل الحركة أو المكان الذي يمكن أن يثير الخيال أو الأمنيات. يقول الفنان “طالما حرمتنا الهجرة من بعض أحلامها، لكنها طالما خلقت أيضا أحلاما أخرى”. العمل السابق لسلام عطا صبري “رسائل من بغداد” (2005-2015)، الذي عرض للمرة الأولى في بينالي فينيسيا في 2015، هو يوميات بصرية مكونة من أكثر من 150 رسمة أنتجها الفنان في عزلته، لدى عودته إلى بغداد مع أسرته في 2005، بعد أن كان قد درس في الولايات المتحدة وعاش في الأردن لأكثر من عشر سنوات. كان ذلك العمل ينسج عناصر من تاريخ العراق الحديث والقديم، مع رحلة الفنان وأسفاره الشخصية.
عطا صبري، ابن بغداد الذي تدرب على فن السيراميك، سوف يعرض سلسلة جديدة من الرسوم باسم “حقول قتل النخيل” (2016). تستوحي السلسلة الاجتثاث والتدمير واسع النطاق لبساتين النخيل في العراق. إذ يركز الفنان على الفقد بوصفه جزءا من التراث الطبيعي والثقافي في العراق، بدأ مع الحرب الإيرانية العراقية، واحتدم بالمزيد من الصراع والإهمال وحركة البناء في مدن العراق. يوضح عطا صبري: “العراق كان ذات يوم المنتج الأول للبلح في العالم. بعد طفرة الخمسينيات، سرعان ما حل النفط محل الزراعة في الاقتصاد العراقي. العراق وسكانه لديهم علاقة عميقة وقديمة مع أشجار النخيل يجب أن نحافظ عليها. صور النخيل تظهر على ألواح حضارة الرافدين. وحتى يومنا هذا يزرع الناس النخيل من أجل البلح، ويستخدمون أخشابه في الأعمال اليدوية التقليدية. إنهم يعتمدون على هذه الأشجار لتظلل عليهم، وتلطف جو مدينتهم في قيظ الصيف”.
يعيش الفنانون داخل العراق في عزلة عن مجتمع الفن العالمي، ومهمة رؤيا هي إتاحة مساهمة أصوات عراقية في الحوارات الثقافية المهمة، التي تجري على منصات مثل “بينالي تشانكالي”. في البينالي، سوف يعرض شيخ هادي وعطا صبري جنبا إلى جنب مع 40 فنانا معروفا على المستوى الدولي. من بينهم فنانون سبق لهم التطرق في أعمالهم لقضايا الهجرة، واللاجئين، والمخيمات، مثل بشرى خليلي، التي تعرض حاليا مشروعها المسمى “مشروع رحلة رسم الخرائط” (2008-2011)، وهو سلسلة من المقابلات مع أفراد عبروا حوض المتوسط، في قاعة “موما” بنيويورك، وفنان الشارع الفرنسي “جيه آر” JR ، الذي زينت مشروعاته الفوتوغرافية عشوائيات البرازيل والجدران الأسمنتية على الحدود الإسرائيلية-الفلسطينية.
وتفتخر رؤيا بدعم أعمال الفنانين العراقيين، والترويج لها، خاصة في بينالي تشانكالي فمنذ المشاركة في جناح العراق في 2015، دعي عطا صبري لعرض عمله في معرض “بوتوم لاين” في متحف “سماك” (متحف الفن المعاصر) بمدينة خنت البلجيكية، وفي مهرجان “ألترناتيفا” في جدانسك البولندية، من بين معارض أخرى، بينما عرض عمل شيخ هادي في “آرت سبيس” بمدينة دوسلدورف الألمانية. وقد دعي الفنانان أيضا لعرض أعمالهما في إعادة تنصيب لـمعرض “الجمال غير المرئي”، وهو جناح العراق في 2015، في متحف سماك.
يفتتح بينالي تشانكالي في 24 سبتمبر ويستمر حتى 6 نوفمبر 2016.
لمزيد من المعلومات:
canakkalebienali.com