Notice: Undefined index: en in /srv/app/ruyatemp/htdocs/content/themes/ruya_v2/lib/extras.php on line 235
Deprecated: Function get_magic_quotes_gpc() is deprecated in /srv/app/ruyatemp/htdocs/cms/wp-includes/formatting.php on line 2675
على آل تاجر مصور عراقي ومؤرخ للفنون. درس التصميم في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، وعمل رساما في المجلات والصحف العراقية. ركزت أبحاث آل تاجر الأكاديمية على طرق تصوير الأساطير القديمة، والموتيفات البشرية والحيوانية في الفن والمعمار الشعبي العراقي. وحتى اليوم، تظهر عناصر من هذه الأساطير والموتيفات في أعماله. في سلسلته الأخيرة، التي تحمل عنوان “بابل” (2015)، يلحم آل تاجر مشاهد من حياة المدينة اليومية في العراق مع شخصيات وموضوعات رمزية. ويكشف الفنان تأثره بالمشاهد التعبيرية للمدينة التي تظهر في أعمال المصور البلجيكي “جيمس إنسور”، ووجوه الفيوم المصرية التي ترجع إلى العصر الروماني، والحس الموسيقي في أعمال “مارك شاجال”.
هنا يتحدث آل تاجر مع رؤيا عن سلسلته الأحدث “بابل”، وكذا عن تأثير الأسطورة والتاريخ والذاكرة على أعماله.
ما هو العالم الذي تخلقه في لوحاتك التي تضمها مجموعة “بابل”؟ ما الذي حدث لهذا العالم؟
ستعرض المجموعة في شهر كانون الاول من عام 2016 وستكون بداية لسلسلة تتبعها … اسجل من خلالها موقفي مما يدور من احداث في بلدي منظورا لها من زوايا متباينة من خلال توظيف : اسطورة ، حكاية شعبية ، حادثة تاريخية ، مشهد روائي وغيرها محاولا وسم اعمالي بلون وطعم ورائحة بابل الاسم الذي يشير تاريخيا الى ثقافة ارض الرافدين ويمثل هويتها
. في لوحة “عازف الكمان” وضعت ثلاث شخصيات في أحد ميادين بغداد الشهيرة: تمثالا لعازف الكمان العراقي فالح حسن يتوسط اثنين من الخصوم. عن يمينه عبد الكريم قاسم، الجنرال العراقي ذو التوجه القومي الذي أصبح رئيسا للعراق بعد ثورة 1958، الانقلاب الذي أطاح بالملك وأعدمه. وعن يساره عبد الوهاب الغريري، الشاعر وعضو حزب البعث الذي قُتل في محاولة اغتيال فاشلة لقاسم قام بها البعثيون سنة 1959. اتحادهم يمثل دعوة للسلام، لأن يبحث العراقيون عن سبل مختلفة تقودهم إلى التسامح وقبول الآخر. وأنا حين أعدت تصميم الميدان، جمعت هذه الشخصيات والأحداث التاريخية المعروفة للناس في محاولة للوصول إلى التوحد والتناغم بينهم.
كفنان، ما الذي يلهمك في الماضي؟
لقد اعتدت النظر إلى الماضي بوصفه ذاكرة، مساحة مغلقة عُزلت بداخلها أدوات العنف. من وقتها وأنا أحوِّله إلى حديقة للمسرات، تضم كل ما أحب. إننا منتجات ماضينا، بحلوه ومره. ولا زلنا نقضي جزءا كبيرا من حياتنا في الماضي. إنه يسيطر على حاضرنا بمختلف الصور، الكبيرة والصغيرة، ويستطيع أن يكون داعما لنا أو عائقا أمامنا. وأنا أعلق أهمية كبيرة على توثيق بلادي وتراثها، وهو الأمر الذي لم يؤخذ على محمل الجد حتى الآن، ربما لأننا أبناء ثقافة شفهية، وإحساسنا بالهوية القومية ضعيف. وذلك جعلني حريصا على إدرا ج ملمح توثيقي في أعمال. ربما من وحي إحساسي بالالتزام تجاه تراثنا.
ما الذي تخبرنا به أساطير العراق عن الحاضر، وبأي الأمور تنبأت؟
الأساطير لا تتنبأ بالمستقبل. مع ذلك، ففي وضعنا الحالي نستطيع أن نفطن إلى عناصر تكهنت بها النبوءات. ما كان حقيقة مقدسة قبل 5000 عاما صار أسطورة بالنسبة لنا الآن، قصة مسلية عن البطولة والحكمة. لكن على مدار آلاف الأعوام، ظلت هذه القصص مظلة تجمع تحتها المؤمنين بهذا الدين القديم. في لوحتي “الملك البديل” الأجواء حديثة وحضرية، لكنني أستدعي طقسين مرتبطين بعادات بلاد الرافدين القديمة. في الاحتفالات البابلية برأس السنة، المعروفة باسم “آكيتو”، يجرِّد الكهنة الملك من سلطاته ومجوهراته في معبد “إيساجيلا”، أو معبد “الإله مردوخ”. يظل بلا سلطة، ويظل الكاهن الأكبر يصفعه حتى تسيل دموعه الملكية، بعدها يعود النظام. الغرض من هذا الطقس تذكير الناس بشرعية حكم الملك، وأهمية الحفاظ على قوة وسلطة واستقرار نظامه. كذلك يذكرهم بالطبيعة البشرية للملك، ليظلوا على الصراط المستقيم. وهناك طقس آخر شبيه، هو طقس “الملك البديل”، حيث يتنحى الملك مؤقتا، ليحمي نفسه من أخطار عجز منجموه عن التنبؤ بها. يشغل أحد حكام المناطق منصبه كـ”ملك بديل” حتى يتراجع الخطر. لكن، في بعض الأحيان، يخطط الملك البديل انقلابا، ويستولي على العرش. هكذا يُغتصب العرش على أيدي مجرم وبمساعدة معاونيه، فيقودون البلاد إلى مستقبل غامض.
غادرت العراق في العقد الأول من الألفية. لو كان بإمكانك العودة في الزمن، أي عصر من عصور العراق كنت اخترت الحياة فيه، ولماذا؟
كنت لأفضل الحياة في الثلاثينيات والأربعينيات إبان حكم الملكية. في رأيي، كانت تلك فترة ازدهار الدولة العراقية الناشئة. كان لدينا دستور، ومجلس نواب، ومجلس شيوخ مشكل في أغلبه من متخصصين يمتلكون الخبرة والنزاهة. كانوا يجسدون أفضل آمال المستقبل، يتمتعون بعلاقات دبلوماسية طيبة مع جيران العراق والعالم. كان العراق وقتها يُنظر إليه باحترام ويحظى بأهمية إقليمية ودولية.
هل تستطيع تذكر حلم حديث؟ وما الذي يجعلك تتذكره؟
آخر حلم أتذكره يعود إلى أوائل الثمانينيات. رأيت رجلا مغمورا بالنور في منزلي. سألته “من أنت؟”، لكنه أدار لي ظهره وغادر. سيقول المفسرون إنه كان ملاكا حارسا من ذلك الذي يجب أن تقول له “تفضل بالدخول”. برغم كل الدمار، لا زلنا عبيدا لهذه الأشباح، حتى في أحلامنا.